( 31 )
..كان الخلفاء يحضرون إلى المجلس العام بعد حضور الناس ، وفي يوم كان مع الحاضرين بهلول العاقل ( كان رجلاً مجنوناً ) ، في مجلس لهارون الرشيد ،،،
ولما دخل هارون وقبل جلوسه على كرسيه قام بهلول وجلس على الكرسي قبله وبقي هارون واقف ، فأخذ الحرس بهلول و بدءوا يضربوه ويركلوه أمام الخليفة والناس ،،،
فأخذ بهلول بالبكاء والعويل والصياح العالي والصراخ ، وبعد فترة من الضرب والركل ، أمر هارون الرشيد بالكف عنه ، وقال له هارون : هل أوجعك الضرب والركل...؟
قال بهلول : لا...!!
فقال له هارون : إذاً لماذا هذا البكاء والعويل والصياح والصراخ إذا لم يوجعك الضرب...؟!
قال بهلول : بكيت عليك وأعولت على حالك ولم أبكي على نفسي...!!
فقال هارون : وكيف والضرب والركل وقع عليك والبكاء والصراخ صدر منك...؟!
فقال بهلول : أنا جلست على هذا الكرسي أقل من دقيقة ، نلت من الضرب من الجند والحرس ما قد رأيت لولا أن أمرهم بالكف عني لما كفوا ، وأنت جالس على هذا الكرسي سنين فكم ستحصل عليه من الضرب والجلد من جند الله وملائكته وحرس جهنم ولا يكف عنك ، فلذا شغلني حالك عن حالي وبكيت عليك ،،،
فيقال : أستحسنه الخليفة والحاضرون وأُعتبِر كلام بهلول حكمة مع ما فيه من موقف طريف ونادر وعجيب ويدل على الذكاء والفطنة في الوعظ ، ولكن بتصرف يحسب أوله من الجنون والبساطة ،،،