يُحكى أن مزارعاً اسكتلندياً فقيراً كان يعمل في حقله، إذ سمع صوتاً يصرخ ويطلب النجدة! فصار في دهشة وأدرك ان هناك شخص في ورطة، وكان الصوت قادم من مستنقع قريب. فعلى الفور ترك ما كان يفعله وهرع إلى مصدر الصراخ. وعندما وصل لمكان الصوت المستنجد، وجد صبياً يغمره الوحل من قدميه إلى خصره، يصرُخ ويغرق كل دقيقة أكثر فأكثر.
فقام المزارع بهدوء بإحضار الأحبال من مكان قريب، وقام بسحب الفتى من المستنقع وأنقذ حياته.
وفي اليوم التالي، حضر عند المزارع شخص نبيل من علية القوم يرتدي من الملابس أنيقها، وإذ به عندما أخرج قدمه من العربة، قال للمزارع أنه والد ذلك الفتى الذي أنقذ حياته.
وبكلمات تمتلئ من المشاعر الجياشة، شكر هذا النبيلُ المزارعَ وطلب منه أن يرد له الجميل عن إنقاذ حياة ولده. رفض المزارع وأخبر النبيل أنه لا يستطيع قبول تعويض على ما يجب عليه القيام به لأنه صواب.
وعندها، سأل النبيلُ المزارعَ إذا كان لديه ابن، فرد بأن نعم، لديه ابن. فطلب من المزارع بكلمات يظهر فيها الإصرار بأن يتعلم ابنه سواءً بسواء مع ابنه ويعطيه نفس التعليم الذي سيعطيه لابنه. وعندما ترك منزل المزارع قال له "إذا كان الصبي يشبه والده بصورة ما، فبلا شك سيكون رجلاً نفتخر به عندما يكبر."
وكان توقع النبيل بخصوص الفلاح مثل نبوءة بالغيب.
وتصديقاً لما قاله النبيل، درس ابن المزارع في أفضل المدارس في العالم، وإذ به تخرج من مدرسة ماري للطب في لندن. والأكثر أهمية، أنه أصبح معروفاً عبر العالم كله بشخصيته البارزة ألكسندر فلمنج مكتشف البنسلين.
وبعد سنوات، أصيب ابن النبيل الذي قد أُنقذ من المستنقع في طفولته بالتهاب رئوي.
هل تعلم ما الذي أنقذ حياته؟
البنسلين.
اسم الرجل النبيل؟
لورد راندولف تشرشل
اسم ابنه؟
ونستون تشرشل
الأشياء الصغير قد تصنع الأشياء الكبيرة.
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق [أخرجه مسلم]
وكما قال الشاعر: (خل الذنوب صغيرها وكبيرها ذاك التقى، واصنع كماش فوق أرض الشوك يحذر ما يرى، لا تحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى) ..
والعبرة من القصة ليست في الاكتشافات العلمية التي حصل عليها فلمنج، ولا في المكافأة التي تحصل عليها عند مساعدة الغير، ولكن العبرة في أن تبحث دائماً عن الحق، والخير، لأن مكافأة الله تعالى أعظم بكثير من مكافأة الناس لبعضهم البعض.